بعيداً عن الأحداث الجارية و الفساد و التطهير و التوك توك و القلة المندسة و تصفية الحسابات و الجرزان و حالة الانتفاخ السياسي اللى احنا عايشينوا :) .. و بعيداً عن الأراء المختلفة المتنوعة المصحوبة بالأدلة البينة لتثبت صحة قائلها.
ليس استهانة بالأحداث و لكن بعدنا هو فاصل زمني نعيش فيه مع خواطر عن احاديث رسول الله صلى الله عليه و سلم ثم من بعدها نرجع للأحداث و نراجع انفسنا بصدق و تقييم الأمور.
الخاطرة الأولى: مراعاة الاخرين
رأى رسول الله قرية نمل قد حرقناها ، فقال : من حرق هذه ؟ قلنا : نحن . قال : إنه لا ينبغي أن يعذب بالنار إلا رب النار
عن رسول الله: إني لأقوم إلى الصلاة ، وأنا أريد أن أطول فيها ، فأسمع بكاء الصبي ، فأتجوز في صلاتي ، كراهية أن أشق على أمه
اذا سمعت الحديث بقلبك سوف تستشعر رقة رسول الله -صلى الله عليه و سلم- انا توقفت عند كلمة رأى, انا متخيلة اني لو ماشية و لقيت نار صغيرة لا اعتقد اني حتأمل هي ايه و حتى ان رأيت نمل ممكن احزن عليهم بس كده, دي اقصى مشاركة وجدانية ممكن اعملها.
لكن قلب رسول الله لم يتحمل المشاهدة فقط بل سأل من فعلها, ليعظهم ان لا يوجد عذر لمن يحرق نملة.. و نجد الشعوب تحرق بأمر حكامها من أجل السلطة و دنيا فانية.
ثم نجد في الحديث الثاني ان رغم خشوع رسول الله فى الصلاة فهو يشعر بالمصلين من حوله و بكاء الطفل الذي جعله يعجل في الصلاة و ان كانت هي قرة عينه و لكن بكاء الطفل يعني له قلب أم ينفطر على ابنها.
ما اعجب هذا القلب الذي شمل الجميع حتى النمل كان له نصيب من رحمته و رقته.. صلى الله عليه و سلم
الخاطرة الثانية: نصرة لله أم للنفس
قال رسول الله: أحبب حبيبك هونا ما ، عسى أن يكون بغيضك يوما ما ، وأبغض بغيضك هونا ما عسى أن يكون حبيبك يوما ما
لا تظهر الشماتة لأخيك، فيرحمه الله و يبتليك
احياناً عندما نحب نبالغ فى الحب و عندما نكره نبالغ فى الكراهية .. فيؤدي حبنا للشخص ان نبذل الجهد الكبير للتقرب منه و ان يكون كلامه مسلمات و لا يحتمل الشك و العكس ايضا ان نكره الشخص فنملأ القلوب بالكراهية و حتى اننا نسبه فى سرنا و ممكن فى العلانية كمان.
و الحديث جاء مصحح لمفهوم الحب و الكراهية و لعل يقلب الله الأحوال فتجد من كنت تسبه بالأمس أصبح ممن تسعد لرؤيته..و ايضاً من كان يغضب الله بالأمس ابتلاه الله و انزل عليه العقاب فى الدنيا فيأتي الحديث الثاني ليوجه المؤمن في كيفية التعامل مع هؤلاء.
عايزين ان يكون همنا في الدنيا هو نصرة الله و نصرة الحق و ليس نصرة نفسنا اللى بتشتعل فيها نار الكره و البغض.. و كما قال على بن ابي طالب رضي الله عنه "إذا قدرت على عدوك فاجعل العفو عنه شكراً للقدرة عليه".
الخاطرة الثالثة: دمعة من عين رسول الله
-دخلنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم على أبي سيف القين ، وكان ظئرا لإبراهيم عليه السلام ، فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم إبراهيم فقبله وشمه ، ثم دخلنا عليه بعد ذلك ، وإبراهيم يجود بنفسه ، فجعلت عينا رسول الله صلى الله عليه وسلم تذرفان ، فقال له عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه : وأنت يا رسول الله ؟ فقال : يا ابن عوف ، إنها رحمة . ثم أتبعها بأخرى ، فقال صلى الله عليه وسلم : إن العين تدمع والقلب يحزن ، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا ، وإنا بفراقك يا إبراهيم لمحزنون .
لن اقول شئ سوى انه رحمة للعالمين و مهما كان حجم الابتلاء يبقى رسول الله كما هو معلم لنا و مهما ضاقت بنا الدنيا يبقى المخرج هو حبنا لله و رسوله و الا نجعلها اكبر همنا فننشغل بالصرعات و ما يضيع علينا اخرتنا.
اعلم اني اطلت فى الاستراحة و لكن احب اختم بأبيات شعر الصحابي حسان بن ثابت في رثاء رسول الله قرأتها و انا في المسجد النبوي في مثل هذا الوقت الذي اكتب فيه الان..
وأمست بلاد الحرم وحشا بقاعهــا :: لغيبة ما كانت من الوحي تعهد
قفارا سوى معمورة اللحد ضافهــــا :: فقيد يبكينه بلاط وغرقد
ومسجده فالموحشات لفقـــــــــــده :: خلاء له فيه مقام ومقعد
فبكى رسول الله يا عين عبـــــــرة :: ولا أعرفنك الدهر دمعك يجمد
وما لك لا تبكين ذا النعمة التــــي :: على الناس منها سابغ يتغمد
فجودي عليه بالدموع وأعولــــــي :: لفقد الذي لا مثله الدهر يوجد
أقول ولا يلقى لقولي عــــــــــائب :: من الناس إلا عازب العقل مبعد
وليس هواي نازعا عن ثنـــــــــائه :: لعلي به في جنة الخلد أخلد
مع المصطفى أرجو بذاك جـــــواره :: وفي نيل ذاك اليوم أسعى وأجهد