Friday, October 31, 2008

أم نضال و قصة الصبر






أم نضال فرحات... فلسطينية في الخمسينيات من العمر، شامخة كشموخ الجبال، تتلمس في قوتها الخير في الأمة كلها، من خير النساء التي شهد بشجاعتها ونضالها الشيخ الجليل أحمد ياسين والرنتيسي وكل المجاهدين الفلسطينيين، أم وجدة انتقلت الآن من تحريض أبنائها لتحريض أحفادها على الجهاد في سبيل الله.

ما إن تقع عيناك على وجهها الأبيض المبتسم حتى يسكنك شعور غريب يدفعك للاقتراب منها برهبة ووقار شديدين، كانت تتوسط جموع المعزيات وتتقبل المباركة بشهادة "رواد" ومن ثم تتحدث بصبر وإيمان عن هذا الجديد الذي فارقها في غارة صهيونية، فتضع برفق وحب تاريخ استشهاده في ذاكرتها كي يلي تاريخ استشهاد نضال ومحمد وتاريخ وفاة زوجها قبل عام وتاريخ اعتقال وسام، فهم ستة أبناء كانوا، استشهد منهم ثلاثة ورابعهم يقبع منذ 11 عاماً خلف القضبان أسيراً.

"خنساء فلسطين" في بيتها القابع شرق غزة المدينة استقبلت "لها أون لاين" لتحدثنا عن حرقة فراق "الضنا" والصبر والأمل بعد استشهادهم، وعن القوة والأمل والنصر الذي تعيشه الآن..

*أم نضال فرحات... يتفاخر العدو بأنه سلبك ثلاثة من أبنائك، ما تعليقك؟

ـ لا .. لم يسلبني الاحتلال أبنائي بل أنا قدمتهم راضية مختارة للشهادة، هؤلاء الأبناء لم يذهبوا سدى بل عرفوا واجبهم وقاموا بتأدية واجب واصطفاهم الله شهداء.

* أذهلتِ العالم في صبرك يا خنساء فلسطين، لكنك تقرين بالحزن ولا تعارض فيه مع الصبر... ماذا تقولين لهم؟

ـ هذا واجب على كل مسلم.. واجب نابع من ديننا الإسلام العظيم، كل إنسان مسلم واجب عليه الصبر، هذا ليس فضلاً وليست زيادة في معروف هذا هو الواجب على كل مسلم ومسلمة.. الحرقة شعور فطري لدى كل إنسان من الله العزيز، لكن المفارقة فينا نحن المسلمين، لدينا المشاعر والعواطف الإنسانية والأمومة الجياشة، ولكن كمسلمات يجب أن نربط عواطفنا بضوابط الشرع، فلا شيء يتعدى الشرع، شرع الله سبحانه وتعالى خط أحمر لا يمكن تعديه حتى لو كانت مشاعرنا، لو انصعت لعواطفي ومشاعري لما استطعت أن أقدم أي شيء، فقدان الابن له غصة في القلب وآلم الفراق رهيب لا يعرفه إلا من جربه، لكن إذا كنا نعرف أن هذه الآلام في سبيل الله ومأجورين عليها إن شاء الله وستوصلنا إلى سعادة فلنتحملها... الدنيا ساعات قليلة، في عمر الإنسان ولا تساوي شيئاً، فلنتحمل هذا الأمر في سبيل الفوز بالآخرة، فهل نبيع الآخرة لأننا لا نستطيع تحمل هذه الآلام.

* ماذا تقولين للمرأة الفلسطينية في يوم استشهاد ابنك الثالث؟

ـ المرأة الفلسطينية قدمت الغالي والنفيس، لست وحدي خنساء فلسطين بل الخنساوات كثر في فلسطين، ولكنني أناشد الأم الفلسطينية والزوجة الفلسطينية وأقول لها ما زال أمامنا المشوار طويلاً وصراعنا مع الصهاينة ما زال في أوله، صحيح أنها قدمت وضحت لكن مطلوب المزيد من التضيحات، نحن في طريق طويل شاقة ونحن اخترناها، المشوار الجهادي لا بد فيه من الصعاب والمنح لكن هذه الطريق توصل إلى رضا الرحمن وإلى الجنة وإلى تحرير الأوطان أفلا نصبر.

* ماذا عن اللحظات الأخيرة التي رأيتِ فيها رواد؟

ـ كانت أحلى لحظات، كانت مفاجأة رهبية لي رغم توقعي الشهادة لرواد منذ كنت حاملاً فيه وهذا إلهام من ربي، شعرت أنه شيء سريع جداً رغم أنه ليل نهار في الخطر، فهو في كل أساليب المقاومة يشارك وأول المقاومين، لم يبق أسلوب من أساليب المقاومة إلا تبعه، هو أصغر أبنائي ويعيش معي وفرقته كانت شيئاً رهيباً لي، رواد حنون جداً.

خرج بدلاً من أخيه مؤمن في مهمة جهادية، وقبل أن يخرج بدقائق، عاتبته لقلة أكله فوقف على الشباك مبتسماً وقال: "والله يا "أما" أكلت كل شيء وما بقي شيء إلا أكلته"، ثم خرج وبعد خمس دقائق جاء خبر استشهاده.

* ماذا فعلت أم نضال بعد سماع خبر الشهادة؟

ـ الأمر عصيب على نفسي، لكنني التزمت بشرع الله سبحانه وتعالي حتى لو كنت في أحلك المواقف لا أنسى أن أقف الموقف الذي يرضاه الله لي، لأن المطلوب الصبر عند الصدمة الأولى، سجدت لله شكراً ودعوت أن يتقبله شهيداً.

*ماذا عن ابنك الأسير، هل أخبرته بشهادة أخيه الثالث؟

لا.. فأنا لا أتمكن من زيارته، هو منذ 11 سنة في الأسر، لكنه من المؤكد أنه سمع خبر استشهاد أخيه في الأخبار.

*هل فوجئت بما حدث بعد الانسحاب من غزة من اعتداءات صهيونية كان من ضمنها استشهاد رواد ؟

ـ اعتقدت كالجميع أنها ستكون فترة راحة، لكن اليهود وطبيعتهم في الغدر والخيانة وعدم الإيفاء بالعهود والمواثيق نعلمها جيدا.

* ما هي رسالتك للشعب الفلسطيني؟

ـ أدعو الله الكريم أن يعيننا على ما نحن فيه، وأن نكون أقوياء، وأناشد أبناء شعبنا وأقول لهم لا تنتظروا الراحة.. التضحيات بحاجة للمزيد، وإذا أردنا الراحة وسعة العيش فمهلا عليها، شدوا حيلكم والهجمة شرسة جداً يجب التمسك بخيار المقاومة.

* ماذا تقولين للعدو الصهيوني؟

ـ أقول لشارون اللص الحقير... أيها اللص الغبي صورايخك لا تخيفنا ومهما بلغت من القوة فهي مفاتيحنا للجنة ولن تزيدنا إلا ثباتاً وإيماناً ويقينا بقرب النصر، هي هدية لنا تنقلنا من ضيق الدنيا وجورها إلى سعة الآخرة ونعيمها.

- وماذا تقولين للعالم الإسلامي والعربي؟

خذوا العبرة من أطفال فلسطين الذين استطاعوا بفضل الله الكريم أن يهزموا جيشاً يزعم أنه لا يقهر، ولماذا الذل والهوان، شعب فلسطين لن يقصر بالواجب ولن يرضى أن يعيش بالهوان

No comments:

Post a Comment